نورد هنا قصة مدينة النحاس التي لا تزال محط تشكيك بل لم يصدقها الكثير لما تحتويه من وقائع وأحداث غير منطقية ، وفي المقابل إنتشرت القصة علي نطاق واسع بل حصلت علي مسرحيات وأعمال فنية قريبة مما قيل عن مدينة النحاس .
»ما هي مدينة النحاس
هي مدينة تقع في المغرب العربي بالقرب من ساحل البحر الأبيض المتوسط وإشتهرت بأنها مدينة النحاس أو المدينة الصفر ، وذاع صيتها منذ أيام النبي سليمان عليه السلام ، ولا تزال المدينة قائمة إلي زماننا هذا إلا أن إسمها (فيافي) في دولة المغرب العربي .
طوتمتاز مدينة النحاس بطابعها الأندلسي العجيب وتجمع تراث وثقافات العرب والفرنسيين والأندلسيين.
»هل مدينة النحاس حقيقية
قد يتساءل البعض هل مدينة النحاس حقيقية وهي موجودة أم مجرد خرافة لا وجود لها يتم تداولها لا أكثر ؟
وفي الجواب ، فإن القصة جاءت بناء علي رواية أبو حامد الغرناطي الذي عاش في الغرطانة جنوب الأندلس ، ويسرد قصة مدينة الجن النحاسية التي بناها الجن لسليمان بن داوود عليه السلام ، وهناك كتاب لكامل كيلاني عن المدينة.
»موقع مدينة النحاس
يعتبر موقع مدينة النحاس من المواقع الإستراتيجية في المغرب العربي ، حيث أنها تقع غرب المغرب علي ساحل البحر الأبيض المتوسط ، وبالنسبة إلي موقعها فهي قريبة من مدينة طنجة وتتربع بين مرتفعات جبل درسة وسلسلة جبال الريف ، وهي ملاصقة لمضيق جبل طارق ولا تبعد عنه سوي أمتار قليلة.
»قصة مدينة النحاس
وفي سياق الحديث عن هذه المدينة يروي بأن مدينة النحاس بناها الجن لنبي الله سليمان بن داوود عليه السلام في الأندلس بالقرب من بحر الظلمات آنذاك وعندما وصل خبرها إلي الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان قام الأخير بإرسال رسالة إلي عامله في المغرب العربي (موسي بن نصير) الذي كان يحكم المغرب العربي كاملاً يبلغه بها بأن يبحث هذه المدينة النحاس ويتقصي عن أسرارها.
»البحث عن المدينة
خرج الحاكم موسي بن نصير بنفسه مع مجموعة من الجنود وخرج معه المرشدين لكي يدلونه علي مدينة النحاس ، إستمر بالبحث في الصحراء لأكثر من أربعين يوماً إلي أن وصل إلي أرض واسعة تحتوي علي الكثير من عيون المياه كما تتضمن الكثير من الأشجار والحشائش ومليئة بالوحوش وظهر لهم أسوار مدينة النحاس فذهلوا بمنظرها.
أمر موسي بن نصير جنوده بأن يبحثوا عن باب تلك الأسوار وتقصوا ما بداخل المدينة وإن كان بها سكان لكنهم لم يجدوا لا أبواب ولا سكان ، فقاموا بالحفر عند تلك الأسوار إلي أن وصلوا إلي الماء ووجدوا بأن أسوارها النحاسية مثبتة بشكل متين تحت الأرض ولم يتمكنوا من دخول المدينة.
»أبراج مدينة النحاس
أمر الحاكم موسي بن نصير الجنود بأن يبنوا أبراج عالية عند زوايا الأسوار ، لتسني لهم دخول المدينة ، وبني الجنود أبراجاً مهولة وصل إرتفاعها إلي نحو مائة وسبعين ذراعاً ، ثم حضّروا سُلماً ضخماً ورفعوه بعد ذلك بالحبال علي تلك الأبراج وأسندوه إلي أسوار المدينة المهولة.
ثم طلب موسي بن نصير أن ينادي في الجنود أن من يصعد إلي أعلي الأسوار سوف يعطيه ديّته ، فجاء أحد الجند وطلب ديته ، فأمر موسي بن نصير أن يسلموه إليها فقبضها وأودعها عند صاحبه وقال : إن سلمت فهي لي وأنا أقبضها ، وإن هلكت فتسلم لورثتي ، ثم صعد حتي وصل أعلي السلم.
ولما أطل علي المدينة ضحك وصفق بيديه ، وألقي نفسه إلي داخل المدينة ولم يخرج.
ويُروي أن موسي بن نصير وجنده سمعوا ضجة وأصواتا عظيمة ففزعوا وإشتد خوفهم وإستمرت تلك الأصوات لمدة ثلاث أيام بليالها ثم توقفت تلك الضجة والأصوات ، ونادي الجند بإسم ذلك الجندي الذي ألقي بنفسه في المدينة من كل جوانب الأسوار فلم يجبهم أحد.
وبعد ذلك أمر موسي بن نصير بأن ينادي في الناس أن من يصعد إلي أعلي الأسوار سيعطيه ألف دينار وبعد أن نادوا جاء جندي آخر وقال بأنه سيصعد إلي أعلي الأسوار فأمر موسي بن نصير أن يعطوه ألف دينار فأخذها وأودعها عند رفاقه ، وأوصاه موسي بن نصير بأن لا يلقي بنفسه في المدينة بل فقط أن يطل من أعلي الأسوار ويخبرهم ما بداخل المدينة ، وعندما وصل الجندي إلي أعلي الأسوار ألقي بنفسه بداخل المدينة وبدأت الأصوات تعلوا من داخلها كما حصل حين ألقي الجندي السابق بنفسه ودامت الأصوات والضجيج لثلاثة أيام بلياليها.
وبعد أن هدأت الأصوات ، قال موسي بن نصير : أنذهب من هنا ولم نعلم بأي شئ عن أسرار هذه المدينة ، وماذا سأكتب للخليفة أمير المؤمنين عبد الملك بن مروان ، ومن ثم قال : من صعد الأسوار سأعطيه (ديتين) ، فجاء جندي آخر وقال : أنا أصعد ولكن شدوا في وسطي حبلاً متيناً وأمسكوا به من طرفه لكي تمنعوني إن أردت أن ألقي بنفسي إلي داخل المدينة ، فقاموا بذلك وصعد الرجل إلي أعلي أسوار المدينة.
وعندما أطل علي المدينة ضحك وأراد أن يلقي بنفسه ووقع بداخل المدينة سحبه الجنود بذلك الحبل وكان الرجل يسحب من داخل المدينة حتي إنقطع جسده إلي نصفين ووقع قسم من جسده من خاصرته وساقيه ، بقي نصفه الآخر في داخل المدينة وبدأت تعلو أصوات الضجيج من داخل المدينة حينئذٍ فقد موسي بن نصير الأمل بأن يعلم أي شئ عن هذه المدينة ، وأمر جنوده بالرحيل.
»ألواح نحاسية
وبعد أن ساروا وراء المدينة قليلاً رأوا ألواحاً بيضاً من الرخام ، طول كل لوح ما يقرب العشرين ذراعاً وكان فيها أسماء الملوك والأنبياء والفراعنة والجبابرة وبعض الوصايا ضمن ما ذكر في تلك الألواح كان النبي محمد صل الله عليه وسلم وأمته.
وكان مع موسي بن نصير بعض من العلماء الذي أمكنهم أن يقرئوا بعض اللغات فقام هؤلاء العلماء بكتابة ما علي الألواح ، بعد ذلك رأوا علي مسافة بعيدة صورة من نحاس فذهبوا إليها فوجدوا بأن الصورة في رجل في يده لوح من نحاس ومكتوب في اللوح "ليس ورائي مذهب فارجعوا ولا تدخلوا هذه الأرض فتهلكوا".
فقال موسي بن نصير : "هذه أرض بيضاء كثيرة الأشجار والنبات والماء ، فكيف يهلك الناس فيها ؟".
وأمر جماعة من عبيده فدخلوا إلي تلك الأرض فخرج عليهم نمل عظيم من بين الأشجار ، قطّع النمل الضاري أولئك العبيد وخيولهم وتوجه النمل إلي الجنود حتي وصل إلي الصورة فوقف النمل عندها.
ذُهل موسي بن نصير وجنده من ذلك أكملوا طريقهم إلي أن وصلوا إلي بحيرة حولها أشجار وأمر موسي بن نصير جنده أن ينزلوا في البحيرة وبالفعل نزلوا وغاص بعضهم فيها وأخرجوا جباباً نحاسية مختومة بالرصاص.
ومن ثم أمر موسي أن يفتحوا واحداً منها ففتحوا واحداً آخر فخرج منه فارس بيده رمح من نار فطار في الهواء وهو ينادي يا نبي الله أن لا أعود ، فقال موسي إنه ليس من الصواب فتح هذه الجباب لأن فيها الجن الذين قد سجنهم النبي سليمان لأنهم تمردوا فأمر موسي بن نصير الجند بأن يعيدوا بقيه الجباب إلي البحيرة.
عاد بعد ذلك موسي بن نصير وجنوده من حيث أتوا وأرسل لأمير المؤمنين عبد الملك بن مروان ما حدث.
هنالك قصص كثيرة تدور حول مدينة النحاس ولعل هذه القصة من أشهرها وبالرغم أنها ليست مثبتة مئة بالمئة ، وهناك من يثبتها وهناك من ينفيها ولكن كثرة القصص حول مدينة النحاس تؤكد وجودها علي حسب رأي البعض ولو إختلفت التفاصيل ، ولا تزال أثار المدينة موجودة تخبئ خلفها أسرار خفية لا تبدو للناظرين ولكنها قد تكون مدثورة ، وحتي بعد تغيّر إسمها لفيافي إلا أنه لا مجال للشك بأنها ذات المدينة التي ذهب إليها موسي وحدث معه ما حدث.
إقرأ أيضا :
- تمثال زوجة سيدنا لوط المتحجر البحر الميت
- رحلة سيدنا موسي بالوادى المقدس
- قصر قارون بالفيوم اسفلة طريق يصل الى الاسكندرية
- قصة بئر زمزم التى لم تجف مياهه
- اين يقع مجمع البحرين المذكور فى القرآن فى سورة الكهف
- غرفة الجماجم بسانت كاترين وجبل موسي وشجرة العليقة
- عين السرو الجوفية ، التي تمتلئ بالماء بمجرد الإقتراب منها
- حقيقة إكتشاف كنز النمرود ومكان وجوده
- الإسكندر الأكبر المقدوني وحقيقة كونه ذي القرنين