أخر الاخبار

لماذا لاتطبع الدول الأموال لسد ديونها أو من أجل تطوير خدماتها

 

لماذا لا تطبع الدول الفقيرة أو أي دولة الأموال من أجل سد ديونها أو من أجل الإنفاق علي المشاريع أو من أجل تطوير البنية التحتية أو لتطوير منظومات الصحة والتعليم.

هل سبق وتساءلت عن السبب الذي يمنع الدول من طباعة الأموال وأن تري أن الأمر بسيطا للغاية ، فهي مجرد ورق يطبع عليه عمله الدولة ومن ثم يتم تداوله وبالتالي تحل جميع المشاكل التي تري حلها في الأموال  .


على الرغم من أن هذا السؤال قد يبدو غريبا بعض الشيء ، غير أنه بدون شك واحد من تلك الأسئلة التي يشعر الناس بالإحراج ويترددون لطرحها. أقصر جواب ممكن لهذا التساؤل يمكن اختزاله في كلمة واحدة التضخم. 


المال متواجد منذ ألف سنة تقريبًا، وقد بدأ إستخدامه في المرة الأولى على شكل سلعة ، حيث كان يتم الإتجار بالأشياء والأغراض بالمقايضة، وهي أشياء وأغراض كانت لها قيمة ذاتية وقيمة فعلية ، على شاكلة الملح والسكر ، والتوابل ، والخيول ، وغيرها إلى جانب بعض المعادن القيّمة مثل الذهب والفضة . التي لا تملك هي الأخرى تقنيا أية قيمة فعلية لكننا نحن البشر جعلناها ذات قيمة عالية بسبب ندرتها ، والتي أستخدمت لاحقا كنقود معدنية تعبر عن قيمة المعدن التي صنعت منه .


أن تحمل معك كل شيء تملكه من أجل مقايضته أو إحتمال مقايضته بشيء آخر هو أمر صعب للغاية، وهو ما مهد لظهور ما يعرف بالمال التمثيلي .


المال التمثيلي هو أن تمنح الذهب الذي تملكه للبنك الذي يقوم بحمايته لك ويعطيك بدلا عنه وثيقة تعترف لك بأنك تملك ذلك الذهب وتصرح بقيمته، ومن هنا أصبحت هذه الوثائق تستخدم كأموال ، كان لحاملها القدرة على الذهاب إلى البنك وإستخراج قيمتها ذهبًا.


في سنة 1971 ، قام الرئيس الأمريكي (ريتشارد نيكسون) بصفة رسمية بإعلان تخلي الولايات المتحدة عن المعيار الذهبي في النظام المالي ، وإنتقلت على إثر ذلك الولايات المتحدة الأمريكية إلى العملة الائتمانية لذا المال اليوم لا يدعمه الذهب أو أي بضاعة ذات قيمة فعلية.


ماهو التضخم :


يتحدد مفهوم التضخم على أنه: ”إرتفاع مستمر ومعتبر في المستوى العام للأسعار بسبب إرتفاع حجم الأموال المطبوعة وهو ما ينجم عنه فقدان العملة لقيمتها“.


قد يبدو هذا الأمر بديهيا ، لكن يجب االتنويه إلى أن المال لا يملك في الواقع قيمة ذاتية ، وهو ما يعني أن المال في حد ذاته لا قيمة له ، وهو يعتبر ذا قيمة فقط لأنه يخولنا من اقتناء الأشياء والخدمات ، أي أنك إذا وجدت نفسك عالقا على جزيرة معزولة وكان بحوزتك بعض المال، فهذا المال لا قيمة له بالنسبة لك لأنه لن ينفعك بشيء.


تخبرنا أساسيات الإقتصاد بأن زيادة العرض تؤدي إلى نقص الطلب ومنه إنخفاض الأسعار ، لذلك كلما زاد حجم المال في الإقتصاد إنخفضت قيمة العملة ، مما يعني أن الدول الأخرى تصبح قادرة على شراء الكثير من عملتك مقابل القليل من عملتها.


كما أن زيادة حجم المال المتوفر داخل إقتصاد ما يؤدي إلى تحول في منحنى السلع والخدمات ، على سبيل المثال ، إذا قامت الحكومة بطباعة مليون دولار ووزعته علي المواطنين في البلد وكان الكثير منهم يرغب في شراء سيارة معينة ، على الرغم من أن عدد السيارات محدود وعدد ملايين الدولارات كبير جدا، سيجعل هذا سعر السيارة يرتفع كثيراً لأن الطلب عليها كبيرة وهي نادرة نسبيا أو المعروض منها قليل .


لكن السبب الذي جعلنا ندرك أن طباعة المال هو مؤشر سيئ لا ينحصر على النظريات الإقتصادية فقط ، هناك الكثير من الأمثلة التاريخية الواقعية التي تدل على الأثر الكارثي لطباعة الأموال بشكل مبالغ فيه.


أكثر الأمثلة حداثة عن فداحة طباعة المال بشكل مسرف هو دولة زيمبابوي ، ففي سنة 2008 عانت من تضخم حاد بسبب طباعة الأموال ، كان ذلك نتيجة حتمية لبعض القرارات الخاطئة التي إتخذها الرئيس روبيرت موغابي.


كان الناس حرفيا يستخدمون عربات اليد المملوءة بالمال من أجل شراء رغيف خبز.


يتفق الخبراء الإقتصاديون عادة على أن مستوى التضخم عندما يكون بين 1 إلى 3 في المائة هو مثالي ، تتراوح مستويات التضخم في دول العالم الأول أو المتقدم بين 0 إلى 5 في المائة ، ويتفق الخبراء الإقتصاديون كذلك على أن دولة ما قد دخلت مرحلة التضخم الزائد إذا ما وصلت مستويات التضخم لديها حدود 50 في المائة .


وصلت مستويات التضخم في دولة زيمبابوي عند ذروتها إلى 6.5 سيكستليون في المائة ، وهو رقم يحمل خلفه 22 صفرًا حتى نستوعبه بشكل أفضل ، وكانت الأسعار ترتفع كل 24 ساعة بمقدار الضعف .


وعلى قدر فداحة التضخم الذي حصل في زيمبابوي ، فإنه يعتبر ثاني أسوأ تضخم حدث في التاريخ ، لأن المرتبة الأولى كان من نصيب المجر سنة 1946 ، والتي أقدمت أيضا علي طباعة الأموال بشكل كبير وكانت الأسعار ترتفع كل 15 ساعة .


لماذا لا تطبع الدول المزيد من الأموال 


من أجل توضيح الأمور قليلاً ، إذا كانت لدينا دولة مستوى التضخم لديها مثالي عند حدود 3 في المائة، فإن الأسعار فيها تتضاعف كل 23 سنة .


كذلك جربت المانيا هذه الإستراتيجية "العبقرية" بعد الحرب العالمية الأولى وبدأت بطباعة الأموال لسداد ديونها. ماذا كانت النتيجة؟


عام 1922 كان سعر رغيف الخبز 160 مارك ، في عام 1923 أصبح سعره 200,000,000,000 مارك ، 
وأصبحت قيمة الدولار الأمريكي الواحد تبلغ 4,210,500,000,000 مارك .


ونتيجة لذلك أصبح المارك بلا قيمة ولا يسوى الورق المطبوع عليه. لدرجة أن الناس أصبحت تستخدم الأوراق النقدية للتنظيف أو اشعال النار ، أو وسيلة لعب للأطفال يصنعون منه الطائرات الورقية. وأصبح الناس يستعملون عربات وحقائب السفر بدل المحافظ لحمل الأموال.


لدرجة أن اللصوص كانوا اذا وجدو حقيبة سفر مليئة بالمال كانوا يسرقون الحقيبة ويرمون المال على الأرض.


إقرأ أيضا  :





تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -