أخر الاخبار

بدو البحر بشر لا يفهون سوى الأسماك،قبيلة تعيش فى البحر


رغم إختلاف الثقافات إلا أن الإنسان يمكنه التأقلم والتفاهم مع الآخرين أياً كانت ثقافتهم ولكن هناك قبيلة لا يتعاملون سوى مع الأسماك والبحار يفهمون في لغة الأسماك وأرواح البحار ولا يفهون حياة البشر خارجهم، حياتهم يقضونها كاملة في البحر وبمجرد خروجهم إلى اليابسة يشعرون وكأن أرواحهم تسلب منهم حتى أن ملمس الأرض غير محبب لهم قد يكون مشهد تخيلي في أحد أفلام الخيال " بشر لا يفهون سوى الأسماك" ولكنهم حقيقة فمن هم أبناء هذه القبيلة !!


تعددت الروايات حول سر قبيلة "الباجاو" الذين يعيشون في مياه البحر والتي أصبحت الحياة على اليابسة شبه مستحيلة بالنسبة لهم فهم منذ ولادتهم وحتى مماتهم وهم يعيشون بمعزل عن البشر ولا يلتقون بأي فرد من خارج القبيلة إلا في حالات نادرة وخاصة بكبار القبيلة أطلق عليهم لقب " بدو البحر" لانهم يسكنون في بيوت في وسط البحر ومقامة على أعواد خشبية ووسيلة تنقلهم القوارب الخشبية الصغيرة ويعتمدون على الصيد مصدر رزق وطعام لهم.

بدو البحر قبيلة الباجاو


وتحكي الأسطورة عن أصول القبيلة أنهم كانوا ينتمون إلى شعب كان يسكن اليابسة ويحكمهم ملك إبتلع البحر إبنته فحكم عليهم بالبحث عنها وعندما فشلوا في العثور عليها قرروا البقاء في البحر خوفا من الملك ، وحسب رواية أخرى عن سبب بقائهم في البحر أن هناك رجل ضخم يدعى " باجاو" أمر شعبه باللحاق به في رحلة بحرية لأن البحر ستفيض ببركتها مما يسهل عملية الصيد بالنسبة لهم فاستقروا فيه.


وعلى الرغم من إختلاف الروايات حول أصل القبيلة إلا أنهم في النهاية حقيقة تم إكتشافها بواسطة الرحالة البريطاني " أنطونيو بيجافيتا " عام 1521 وذكر في كتابه "رحلة ماجلان حول العالم" بأنهم إشتهروا بالقرصنة وتجارة العبيد خلال فترة الإحتلال الأوروبي لآسيا فهم يعيشون في مناطق جنوب آسيا تحديدا في إندونيسيا والفلبين وماليزيا ولا يتعدى تعداد هذا الشعب المليون نسمة.


ونظرا لإرتباطهم بالبحار فهم يمتلكون خصائص نادرا ما يمتلكها غيرهم بداية من قدرتهم على الغوص تحت الماء وحبس أنفاسهم لأكثر من 15 دقيقة فالشخص الطبيعي يمكنه حبس أنفاسه تحت الماء بضعة ثوان والمميز يمكنه الإستغناء عن الأكسجين لدقيقتين كحد أقصى ولكن أفراد قبائل "الباجاو" لديهم القدرة على البقاء تحت الماء لأكثر من ربع ساعة وعلى عمق يزيد عن 200 قدم.


وتستمر هذه العلاقة المعقدة مع البحر حتى تصل إلى معتقداتهم فهم دائما ما يكونوا حريصين على إرضاء " أرواح البحر" والتي إذا غضبت عليهم يكون عقابهم في خطف روح إبن من أبنائهم ولذلك عليهم إحترامها أثناء الصيد مصدر رزقهم وعملهم الأوحد الذي لا يعلمون غيره.  


ويعتبر الصيد بالنسبة لهم ليست هواية أو مصدر رزق لهم ولكنه أيضا مدرستهم وحياتهم فأبناء القبيلة لا يذهبون إلى المدرسة ولا يتعلمون القراءة والكتابة ولكنهم وبمجرد إتمام الطفل عامه الخامس يبدأ في مدرسة الصيد فيتعلم الغوص والتدريب على صيد السمك عن طريق الغطس والرماح اليدوية كما يتعلمون صناعة القوارب وعند إتمام الطفل عامه العاشر يبدأ التدريب على صيد الأسماك الخطرة والغوص في أعماق أكبر مختلفة.  


ويستمر الإبن في الغطس مهما تقدم به العمر وطالما في صدره أنفاس متبقية فهي مصدر رزقهم وطريقة كسب عيشهم ولا يعلمون غيرها فهم يعتمدون على ما يصطادونه من أسماك وأصداف لؤلؤ وخيار البحر غالي الثمن في تأمين إحتياجاتهم عن طريق المقايضة للحصول على الأرز والطعام مع سكان اليابسة الأقرب إليهم فهم لا يعرفون النقود أو التجارة.


قبائل الباجاو هي أكثر الشعوب التي تربطها علاقة بمياه البحر  فيعيشون طوال حياتهم في قوارب صغيرة متواضعة رفقة عائلاتهم و أطفالهم و يقتاتون من إصطيادهم للأسماك و خيارات البحر الأخرى ، فيصطادون قوت يومهم يوما بيوم كما يصطادون فوق حاجتهم و يجدفون لأقرب جزيرة لبيع هذه الأسماك في السوق حتي يتمكنوا من شراء الإحتياجات الأخرى للطعام مثل الأرز و الخضروات وهذا هو الغرض الوحيد الذي يدفع أفراد قبائل الباجاو للنزول لليابسة و بعد الإنتهاء من عملية البيع و الشراء يعودون إلى القارب لإعداد الطعام .

مهارة صيد الأسماك عند قبيلة الباجاو


و رغم صغر حجم قواربهم إلا أنهم يقسمون القارب بوضع أواني و معدات المطبخ في الخلف و غرفة المعيشة و النوم تكون في المقدمة و الوسط و رغم هذه المساحة الضيقة إلا أنها تتسع لكل أفراد العائلة من زوج و زوجة و أطفال و مع وجود البحر من حولهم ممتد في أنحاء الأفق فإنهم يشعرون بالراحة و إتساع المكان ، بالطبع تختلف عادات معيشتهم قليلا من مجموعة لأخرى و من عائلة لأخرى و لكن يتحدون في علاقتهم الوطيدة بالبحر .


لا يوجد تاريخ دقيق حول أصل قبائل الباجاو ،إلا ان هناك مصادر ذكرت انه تم العثور على سجلات قديمة حول قبيلة باجاو تعود إلى 15000 عام مضت ، وكانو يعيشون نفس نمط الحياة الذي يعيشونه اليوم مع ملاحظة تطور بسيط.


تم إنتساب شعوب الباجاو الى البدو الرحل من أصل ماليوي أو ماليزي الذين كانو يعملون في البحار طوال معظم تاريخهم وتم تسجيل وجودهم بواسطة المستكشف والرحالة الإيطالي أنطونيو بيجافيتا عام 1521 .


قبائل الباجاو في الأصل تظل متجولة بالقوارب بدون وجهة محددة و يكون القارب هو منزلهم و مكان عملهم بنفس الوقت وقد حاولت الحكومة الإندونيسية توفير مساكن لهم على اليابسة و لكن الباجاو لم يتمكنوا من التأقلم على حياة المجتمع فسرعان ما عادوا للعيش في القوارب ، و بعد فترة إقترح الباجاو بناء قرية لهم في وسط البحر ، فتم إنشاء قرية سانبيلا بالقرب من جزيرة سولاوسي وهي قرية مائية عائمة قائمة بيوتها على أعمدة خشبية وسط البحر ، وهذه القرية مكونة من مئتين و خمسين منزل كلها مبنية في المياة فوق الشعب المرجانية.


و هكذا بدأ شعب الباجاو الأنتقال إلى قرية سانبيلا خلال الثلاثين عاما الماضية حتى أصبحت القرية تضم حوالى ألف و خمسمائة شخص ، و شيئا فشيئا بدأت قبائل الباجاو تندمج مع مظاهر الحياة الإجتماعية فأنشأت الحكومة لهم أول مدرسة للأطفال في قرية سانبيلا ورغم عدم إعتيادهم علي إرسال أطفالهم للمدارس في البداية إلا أن مشهد الأطفال بالزي المدرسي متجهين إلى المدرسة في القرية أصبح شيئا معتادا مع مرور الوقت .


تتواجد أماكن في وسط البحر تدعى ( البوكا ) تكون عبارة عن أكواخ عائمة في البحر تكون بمثابة مناطق للإستراحة لا يسكنها أحد و تكون متاحة لأي فرد من الباجاو لإستخدامها للمبيت و الطبخ عند الحاجة لها .


عادة صيد الأسماك

تعيش قبائل الباجاو بشكل أساسي على صيد الأسماك لأكلها أو التجارة بها لكسب رزقهم فهم لديهم معرفة كبيرة بالبحر رغم إفتقارهم للمعدات الحديثة إلا أنهم يتمكنون من معرفة أماكن تواجد أنواع الأسماك المختلفة في البحر حيث تتجه بعض أفراد الباجاو للصيد حول أشجار المنجروف و التي تكون بمثابة حاجز طبيعي بين اليابسة و البحر كما تمثل أيضا ملجأ آمنا للأسماك و المخلوقات البحرية الصغيرة ففي هذا الملجأ الغني بالخيرات حول جذور أشجار المنجروف يتجه صيادي الباجاو للصيد بالرماح و الشباك أحيانا لمعرفتهم بتواجد الأسماك و بكثرة في هذه المناطق فيقومون بضرب سطح الماء بالعصي لإخافة الأسماك حتى تعلق في شباكهم وأحيانا نجد من يلتزمون بالصيد ليلا بالرمح لمعرفتهم بأن حركة الأسماك في الظلام تكون أبطأ و يسهل إصطيادها ، يفضل بعض أفراد الباجاو الصيد بالرماح خوفا من أن الشباك قد تضر بالشعاب المرجانية مما سيؤثر على حياتهم و حياة الأجيال القادمة .


يقوم الباجاو بتناقل أساليبهم الفريدة في الصيد من جيل لجيل فيعلمون أطفالهم أساليب الصيد منذ الصغر و مع ممارسة الأطفال للمهنة يكونون قادرين على تخطي حدود الطبيعة البشرية و الوصول إلى مستوى آبائهم من المهارة و الخبرة بالبحر .


قدرة خارقة لدى شعوب الباجاو

من أكثر الأشياء المميزة و الفريدة حول الباجاو هي قدرتهم الإستثنائية على الغطس في عمق البحر وصيد الأسماك بالرماح ، فالباجاو لديهم القدرة على الغطس إلى أعماق قد تصل إلى الثلاثين متر تحت سطح البحر ، كما يمكنهم حبس أنفاسهم ما يقرب إلى ثلاثة عشر دقيقة ، ومن الجدير بالذكر أن الإنسان العادي تبدأ خلايا دماغه بالتلف بشكل خطير إذا أمضى ثلاثة دقائق بدون تنفس و بعد مرور عشر دقائق سيكون قد أتلف عدد كبير من الخلايا و قد لا يتعافى الإنسان من آثار هذا التلف .

قبيلة الباجاو تعيش فى البحر


حتى يتمكن الباجاوي من البقاء تحت الماء في هذا العمق بدون تنفس يقوم بإستخدام عضلات معدته لدفع جرعة أكبر من الأكسجين إلى رئتيه و حتى يسيطر على حركة الهواء بجسمه ، كما تتباطأ ضربات القلب بشكل كبير حتى تصل إلى ثلاثين دقة فقط في الدقيقة بدون إستخدام أي أنابيب للأكسجين أو أوزان إضافية تساعده على الغوص يتمكن أفراد الباجاو من الغوص في مثل هذا العمق لمدة تفوق العشر دقائق ، و يمكنه تكرار هذه العملية أكثر من مرة بدون تعب فقد إستطاعت الدكتورة ميليسا ياردو من جامعة كوبنهاغن الدنماركية إثبات وجود طفرات جينية في أجساد الباجاو تساعدهم على الغوص لأعماق أكبر و إمضاء وقت أطول تحت الماء فبعد أختبارها لثمانية و خمسين عينة من طحال أفراد من الباجاو لاحظت أن طحال قبائل الباجاو أكبر بنسبة ٥٠% من الأشخاص العاديين حيث يقوم الطحال بتخزين خلايا دم غنية بالأكسجين لتغذية الجسم بها عند الحاجة و في حالة قبائل الباجاو فقد تطورت أجسادهم حتى يقوم الطحال بتخزين كمية أكبر من خلايا الدم الغنية بالأكسجين لتساعدهم في الغوص لوقت أطول تحت الماء ، تقول الدكتورة ميليسا ” نعتقد أن قبائل الباجاو لديهم تكيف يزيد من مستويات هرمون الغدة الدرقية و بالتالي يزيد من حجم الطحال ” .


كما يشتهر عن الباجاو الأعمار المديدة و الصحة طوال العمر فقد نجد بعض الأفراد تتجاوز أعمارهم الثمانين عام و لايزالون قادرين على الغوص و الصيد بالرمح ، فأسلوب الحياة منذ الصغر و نوع الأغذية التي أعتادوا عليها تساعد الفرد على الحفاظ على لياقته البدنية حتى آخر يوم بعمره .


الباجاو ذوي أغلبية مسلمة و لكن هناك مجموعات تعتنق الديانة المسيحية .


يتحدث شعب الباجاو أكثر من عشرة لغات أهمها هي اللغات الملايو بولينيزية.


يمتلك شعب الباجاو طريقة مختلفة لحساب السنين و حساب أعمارهم فهم يعتمدون على مراقبة حركة القمر و دورانه و هو ما يمثل الشهر أما السنة في التقويم لديهم تتكون من عشرة أشهر فقط .


بعد النظر لمثل هذا الشعب الإستثنائي نتأكد أن الإنسان لا حدود لقدراته فبالذكاء و الإصرار و الصبر يمكن للإنسان تحقيق ما كان يلقب بالمستحيل ولكننا لن نتمكن من تحقيق ذلك إلا بعد الإيمان الكامل بأنفسنا و قدراتنا و المثابرة في الطريق الصحيح مع بذل الجهد الصحيح .


إقرأ أيضا  :


تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -